تفسير حلم الكهف في المنام لابن سيرين والنابلسي وابن شاهين

رؤية الكهف في المنام من الرؤى الغامضة التي تثير الفضول في نفس الرائي، لما تحمله من رموز تتصل بالأمان واللجوء والنجاة، أو بالعزلة والمحنة والضيق. وقد تناولها كبار مفسري الأحلام بالتفصيل، ومن أبرزهم ابن سيرين وابن شاهين والنابلسي، الذين ربطوا بين دلالتها وسياق الرؤية وحال الرائي.

يشير الكهف في المنام إلى الملجأ والمأوى، وإلى مكان الأمان الذي يلجأ إليه الإنسان وقت الشدة. وقد يرمز أيضًا إلى الأسرار والخصوصية والانطواء، كما قد يكون دلالة على طول العمر وكثرة الخير.
وفي المقابل، قد يحمل معنى الحبس أو الانعزال أو الدخول في تجربة صعبة إن كان الكهف مظلمًا أو ضيقًا.

وقد جاء في التأويل أن الكهف رمزٌ لما يأوي إليه الإنسان من رجلٍ ذي مكانة أو إمامٍ أو والدٍ أو زوجةٍ أو سلطان، فهو ملاذ الأمان والسكينة.

يقول ابن سيرين إن رؤية الكهف تدل على من يأوي إليه الإنسان من أهل القوة أو العلم أو الحماية، كما أن الكهف في الرؤيا قد يدل على ستر الأمور وكتمان الأسرار.

• من رأى أنه دخل كهفًا في المنام، دلّ ذلك على الرشد في الدين والأمور، وبلوغ الحكمة، ونيل منزلة عند الحاكم أو السلطان.
• وإن كان الرائي مريضًا أو سجينًا، فالرؤية بشارة له بالشفاء أو الخلاص من القيد، استنادًا لقصة أصحاب الكهف الذين أنجاهم الله برحمته.
• أما رؤية الخروج من الكهف، فتشير إلى النجاة من بلاءٍ أو همٍّ شديد، والعودة إلى الحياة بأملٍ وتجدد.
• بينما الكهف المظلم في المنام قد يكون إنذارًا بالموت أو دلالة على القبر، خصوصًا إذا كان الرائي مريضًا أو خائفًا.
• ومن رأى أنه يخفي شيئًا في الكهف، فذلك يدل على أن السلطان أو صاحب سلطة سيأخذ منه ذلك الشيء.

وقد فسر ابن سيرين رؤية الكهف أيضًا بأنها طول عمرٍ وسعة رزقٍ، لقوله تعالى:

"فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقًا" (سورة الكهف: 16).

يرى ابن شاهين أن الكهف في الحلم هو رمز للأمان والملجأ، مستندًا إلى قوله تعالى في قصة أصحاب الكهف. ويشير إلى أن من رأى نفسه في كهفٍ أو دخله فهو في مأمنٍ من الخوف والضرر، وأن الله سينشر عليه رحمته.

• رؤية الكهف في المنام تدل على طول العمر وزيادة الخير، وهي بشارة للمريض بالشفاء، وللمهموم بزوال الكرب، وللمسجون بالخلاص.
• الكهف الفارغ يدل على الفقر أو الوحدة، بينما الكهف العامر يدل على الازدهار والرخاء.
• كما أن الكهف في حلم العاطل عن العمل يشير إلى إيجاد فرصة عملٍ أو رزقٍ جديد.
• وقد يدل الكهف على الستر في الأمور والأسرار، وعلى التقرب من الملوك أو ذوي السلطة.

وبحسب ابن شاهين، فإن الكهف رمزٌ روحاني يربط الإنسان بالسكينة والرحمة الإلهية، لما في قصته من عبرة تتحدث عن الإيمان والصبر والثبات على الحق.

يقول النابلسي إن الكهف في المنام مأوى للآمنين، ومن رأى نفسه يأوي إلى كهفٍ، فإنه يجد الأمن بعد الخوف، أو يجد من يعينه في حياته.

• رؤية الجلوس داخل الكهف ترمز إلى الراحة النفسية والاستقرار بعد تعب.
• أما النزول إلى الكهف فقد يدل على وقوع خطرٍ أو أزمةٍ مؤقتة، بينما الصعود من الكهف يشير إلى تجاوز الصعوبات وتحقيق النجاح.
• إذا كان الكهف مليئًا بالماء، فذلك دليل على الرزق الحلال والبركة في المال.
• أما إذا كان مغلقًا أو مسدودًا، فذلك يدل على العجز أو المرض أو القلق الشديد.

رؤية الكهف في منام العزباء ترمز إلى الأمان والسكينة، وتشير إلى أن الله سيفتح لها باب فرجٍ بعد ضيق، أو زواجٍ بعد انتظار.

• دخول العزباء الكهف يدل على انتقالها من مرحلة خوفٍ أو قلقٍ إلى مرحلة استقرارٍ نفسي ومعنوي.
• وإن رأت أنها تسكن في كهفٍ كأنه منزلها، فذلك يدل على الزواج من رجلٍ صالحٍ تتخذ منه مأمنًا وسندًا.
• أما رؤية كهفٍ مظلمٍ فتدل على الحيرة أو الخداع من شخصٍ في حياتها.
• وإن رأت كهفًا مضيئًا أو واسعًا، فهي بشارة بتحقيق أمنياتها ونيل خيرٍ كبير.

وقد أشار بعض المفسرين إلى أن من رأت في منامها أنها تقرأ سورة الكهف، فذلك دليل على طول العمر والبركة في الرزق والعافية.

أما المتزوجة، فرؤية الكهف في حلمها ترمز إلى البيت الآمن والاستقرار الأسري.

• من رأت أن بيتها أصبح كهفًا، فذلك دليل على اطمئنانها في حياتها الزوجية وشعورها بالسكينة.
• وإن رأت أنها تدخل كهفًا مع زوجها، دلّ ذلك على الترابط بينهما ونجاتهما من أزمةٍ أو خلاف.
• أما رؤية كهفٍ مظلمٍ أو مغلقٍ، فترمز إلى مشاكل أو همومٍ زوجية، لكنها مؤقتة وستزول بإذن الله.
• إن رأت الكهف فيه ماء، فهو رزقٌ واسع وبركةٌ في المعيشة.
• أما الكنز داخل الكهف، فيدل على سعادةٍ خفيةٍ ستُكشف قريبًا، أو بشارةٍ بحملٍ قريب.

يرمز الكهف في منام الحامل إلى الطمأنينة وقرب الفرج، وهو في الغالب إشارة إلى اقتراب موعد الولادة وسلامتها.

• إن رأت الحامل كهفًا مضيئًا، فذلك دليل على ولادة سهلة وميسّرة بإذن الله.
• أما الكهف المظلم، فقد يشير إلى قلقها النفسي أو تعب الحمل.
• وفسّر بعض العلماء رقم (9) في قوله تعالى:

"وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا"
بأنه رمزٌ إلى شهور الحمل التسعة، فيكون الكهف علامة على قرب الوضع.

بالنسبة للمطلقة، فإن رؤية الكهف تدل على مرحلة جديدة من الاستقلال والتجدد.

• دخولها الكهف دليل على ابتعادها عن الأذى وبدء حياةٍ جديدةٍ يسودها الهدوء.
• أما خروجها من الكهف، فيرمز إلى التحرر من الماضي والقدرة على النهوض من جديد.
• والكهف الواسع في رؤيتها يدل على فرصٍ مستقبليةٍ في العمل أو الزواج.

يدل الكهف في منام الرجل على الستر والسكينة، وقد يعبر عن بيته أو أسرته أو مكان عمله.

• من رأى نفسه يدخل كهفًا ويسكن فيه، دلّ ذلك على صلاح دينه واستقرار حاله.
• وإن كان متزوجًا، فهي إشارة إلى العشرة الطيبة مع زوجته، وسعة في رزقه.
• أما من رأى أنه يخرج من كهفٍ مظلمٍ إلى نور، فذلك نجاة من همٍّ أو معصيةٍ إلى توبةٍ وهداية.
• وإن رأى أنه يقرأ سورة الكهف، فبشارة له بطول العمر والذرية الصالحة.

الظلام داخل الكهف يرمز في الغالب إلى القلق والحيرة أو الخوف من المجهول، وقد يدل على ضيقٍ أو مرضٍ أو ابتلاءٍ يحتاج إلى الصبر.
أما من رأى أنه يضيء الكهف بمصباحٍ أو نورٍ، فذلك علامة على الهداية بعد الضلالة، أو الخروج من محنةٍ بفضل الله.

الخروج من الكهف من الرؤى المبشّرة، إذ يدل على زوال الهموم وعودة الأمل للحياة.

• من رأى أنه يخرج من الكهف حاملاً ذهبًا، نال بشارة بخبرٍ سعيدٍ بعد حزنٍ طويل.
• ومن خرج وفي يده ماء، دل على الهدى بعد الغفلة.
• أما من خرج زحفًا أو بصعوبة، فذلك يدل على تجاوزه الأزمات بجهدٍ وصبرٍ كبير.

تتداخل الرموز بين الكهف والمغارة والغار، إذ كلها تدل على المأوى والستر، لكن يختلف المعنى بحسب السياق:

• الغار في المنام يرمز إلى الأمان والنجاة من الخطر، كما في قوله تعالى:

"إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا" (التوبة: 40).

• أما المغارة المظلمة فتدل على الضيق والمشقة، بينما المضيئة ترمز إلى الفرج والتوبة.

يحمل حلم الكهف معاني مزدوجة بين الأمان والعزلة، والفرج والاختبار.
فهو رمز روحي عميق يدعو الإنسان إلى التأمل في معنى اللجوء إلى الله، والثقة بأن بعد الظلمة نورًا وبعد الضيق فرجًا.