تفسير رؤيا عرش الرحمن والكرسي في المنام
في هذا المقال نكشف الستار عن تفسير رؤيا عرش الرحمن والكرسي في المنام، كما ورد في أقوال كبار علماء التفسير مثل ابن سيرين والنابلسي. نتعرف على الفرق بين العرش والكرسي، ودلالات رؤيتهما في الحلم، سواء على الهيئة الشرعية أو في حالات مثل الجلوس عليهما أو اهتزازهما. مقال ثري بالتفصيلات الشرعية والرمزية، يجمع بين التفسير الديني والفهم العميق للرؤى العظيمة.

محتويات المقال (اختر للانتقال)
تعد رؤية عرش الرحمن أو الكرسي في المنام من الرؤى العظيمة التي تحمل دلالات عميقة ورفيعة، لما لهذين المخلوقين من مكانة سامية في العقيدة الإسلامية. وقد ورد ذكر العرش والكرسي في مواضع متعددة في القرآن الكريم، مما يجعل من رؤيتهما في المنام أمرًا يستدعي التأمل والتفسير وفق الأصول الشرعية، مع مراعاة حال الرائي وواقعه. وقد تنوعت أقوال المفسرين في دلالة هذه الرؤى، فمنهم من ربطها بالعز والمكانة، ومنهم من جعلها دليلاً على صلاح العقيدة وقبول العمل، ولا بد لفهم الرؤيا من بيان الفرق بين العرش والكرسي أولًا.
العرش
العرش هو أعظم المخلوقات، وهو سقف الجنة، خلقه الله عز وجل واستوى عليه كما قال تعالى:
﴿الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ﴾ [طه: 5].
وقد وصف بأنه محمول يوم القيامة:
﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: 17].
وقد أجمع أهل السنة على أن العرش مخلوق حقيقي، لا يجوز تشبيهه بشيء من المخلوقات، ولا الخوض في كيفيته.
الكرسي
أما الكرسي، فقد ورد ذكره في آية الكرسي:
﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [البقرة: 255].
وقد قال ابن عباس: "الكرسي موضع قدميه، والعرش لا يقدر أحد قدره". فالكرسي دون العرش في الرتبة، وهو مخلوق عظيم أيضًا، يدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى.
1. رؤية العرش على الهيئة الشرعية
من رأى عرش الرحمن في المنام على الهيئة التي وصفها الله ورسوله، بلا تكييف ولا تمثيل، فإن ذلك يدل على علو المقام، والقبول عند الله، ورفعة الشأن في الدنيا والآخرة. وهذه الرؤيا من المبشرات العظيمة، خاصة إذا كان الرائي مستقيمًا في دينه.
2. رؤية الرائي تحت العرش
من رأى نفسه تحت العرش، فإن ذلك يدل على حفظ الله له ورحمته به، خاصة إن كان في الرؤيا ذكر أو تسبيح، لقوله تعالى: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ﴾. وقد يدل على أن الرائي في موضع أمان وطمأنينة.
3. رؤية الجلوس على العرش
- إن كان الرائي صالحًا، فقد تدل الرؤيا على نيل الحكم أو مكانة عظيمة، أو علو في الدين والدنيا.
- وإن كان فاسقًا، فهي نذير له بالتوبة والمحاسبة، وربما تدل على التكبر أو الغرور الذي يفضي إلى الهلاك.
4. رؤية العرش يهتز
ورد في الحديث أن العرش اهتز لموت سعد بن معاذ، فمن رأى العرش يهتز عند موت شخص صالح، دل على مكانة الميت ورضا الله عنه. وإن كان العرش يهتز في الرؤيا دون سبب ظاهر، فقد يدل ذلك على فعل عظيم يهتز له الإيمان، أو وقوع أمر جلل في الأمة أو على مستوى الفرد.
1. الكرسي من نور
رؤية كرسي من نور في المنام تدل على العلم، والحكمة، والنور الرباني، والهدى، وقد تشير إلى علو المنزلة في الآخرة، خصوصًا لأهل العلم والدعوة.
2. الجلوس على الكرسي
- من رأى نفسه جالسًا على كرسي، وكان الكرسي جميلًا ثابتًا، فإن ذلك يدل على ثبات في الدين، ورفعة في المنزلة.
- أما إن كان الكرسي مكسورًا أو مائلًا، فذلك يُنذر بزوال النعمة أو فشل في تحمل المسؤولية.
3. رؤية الكرسي في مجلس الحكم
رؤية الكرسي في موضع القيادة أو مجلس الحكم قد تشير إلى تحمل المسؤولية أو انتظار منصب دنيوي أو ديني، خاصة إن كان الرائي في موقع القيادة أو يسعى لذلك.
ابن سيرين
قال إن رؤية العرش تدل على الهيبة، والعظمة، والمقام الرفيع، وقد تشير إلى قرب من الله تعالى، خاصة إن اقترنت الرؤيا بالتسبيح والذكر.
النابلسي
أشار إلى أن العرش في المنام يدل على الملك والسلطان أو علو المكانة الدينية، وإذا رأى المؤمن أنه يذكر الله تحت العرش، فهي رؤيا محمودة تدل على القبول والمغفرة.
ابن شاهين
ركّز في تفسير الكرسي على أنه رمز للحكم أو العلم أو الجاه، وأن الجلوس عليه يدل على تولّي أمر عظيم إن كان الرائي أهلاً لذلك، وأما الكرسي المكسور فهو علامة ضعف أو عزل أو قلة حيلة.
- رؤية العرش في السماء: تدل على علو الهمة، وصفاء القلب، وصدق التوجه لله.
- رؤية العرش محمولًا: تشير إلى أن هناك مسؤولية عظيمة ستقع على عاتق الأمة أو الرائي.
- الكرسي الواسع والمضيء: رمز للراحة بعد التعب، والعلم بعد الجهل، والاستقرار بعد التقلب.
- الكرسي المتكسر أو المهتز: يدل على زوال في المكانة، أو فشل في مهمة، أو خسارة بعد منصب.
تُعد رؤية العرش أو الكرسي في المنام من الرؤى العظيمة التي لا ينبغي أن تُفسر بعجلة، لما فيها من جلال وهيبة ومعانٍ عظيمة مرتبطة بالعقيدة والقرآن. ومن المهم ألا يُدخل الرائي عقله في تصورات أو تشبيهات، بل يستحضر عظمة الله، ويتفكر في حاله وتقصيره، ويجعل من الرؤيا دافعًا للتوبة أو بشارة للثبات. وهي في العموم رؤى تبعث على الخشوع والخوف من الله، لما تحمله من إشارات إيمانية عظيمة.