هل يجب التقيّد بالرؤى في تسمية المولود؟

هل يلزم الأب بتسمية المولود كما جاء في الحلم؟ تعرف في هذا المقال على الحكم الشرعي لتسمية المولود وفق الرؤيا، مع رأي دار الإفتاء وتحليل علمي ونفسي متكامل للرؤى وتأثيرها.

هل يجب التقيّد بالرؤى في تسمية المولود؟
هل يجب التقيد في الرؤى في تسمية المولود

محتويات المقال (اختر للانتقال)
  1. مقدمة
  2. الرؤى في الإسلام بين الإلهام والتكليف
  3. هل يجب تسمية المولود بما جاء في الرؤيا؟
  4. متى يُستأنس بالرؤيا؟
  5. ضوابط تسمية المولود في الإسلام
  6. رأي العلماء في الاعتماد على الرؤى
  7. الجانب النفسي والاجتماعي للرؤيا
  8. خاتمة

كثيرًا ما يلجأ الناس إلى تفسير الأحلام واستنباط الإشارات من الرؤى التي يرونها في منامهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بقرارات حياتية مثل تسمية المولود. فهل تُعد الرؤيا دليلًا شرعيًا يُبنى عليه حكم أو قرار ملزم؟ وهل يُلزَم الأب بتسمية ابنه أو ابنته بالاسم الذي ورد في منامه؟ في هذه المقالة نستعرض الحكم الشرعي لمسألة التقيّد بالرؤى، مستندين إلى المصادر الموثوقة في الفقه الإسلامي، مع تحليل متكامل لهذه المسألة من المنظور الديني والعقلي.

الرؤيا الصادقة في الإسلام تُعد من المبشرات، كما ثبت في حديث رسول الله ﷺ:
"
لم يبقَ من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة" (رواه مسلم).
وهذا الحديث يُبرز مكانة الرؤى كجزء من الإلهام، لا من التشريع. فهي ليست مصدرًا للأحكام الشرعية، وإنما تبشير أو تحذير أو توجيه لطيف.

الرؤيا الصالحة لا تُنشئ حكمًا شرعيًا:

اتفق العلماء على أن الرؤى لا يمكن أن تكون مصدرًا للتشريع، ولا يجوز الاستناد إليها في استنباط الأحكام. فلا يحلّ بها حرام، ولا يُحرَّم بها حلال، ولا يُلزم بها الإنسان بفعل أو ترك.

 يقول الإمام الشاطبي:
"
الرؤيا ليست مما يُحتج به في الشريعة، وإنما يستأنس بها في بعض الأحوال إن كانت موافقة للشرع."

لو رأى رجل في منامه أن له بنتًا أو ولدًا، وسمّي في الحلم باسم معين، فهل يتعيّن عليه شرعًا أن يلتزم بهذا الاسم؟ الجواب باتفاق العلماء وفتاوى المعاصرين: لا، لا يجب عليه ذلك.

???? رأي دار الإفتاء المصرية:

صرّح الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، عبر البث المباشر على فيسبوك، بأن من يرى رؤيا يخبره فيها أحدٌ باسم المولود، فليس مُلزمًا شرعًا بتلك التسمية. بل الأمر واسع، وله أن يسمي المولود بالاسم الذي يراه مناسبًا، سواء كان هو الاسم الوارد في المنام أو غيره.

وأضاف:
"
الرؤيا لا توجب التسمية، ولكن إن أحب الأب أن يأخذ بها فلا بأس، فهي من قبيل الإشارة الحسنة لا أكثر."

الرؤى الصالحة تُعد من المبشرات، وقد يستأنس بها المسلم في بعض شؤون حياته، بشرط أن لا تخالف نصًا شرعيًا أو تُناقض المصلحة الظاهرة. في تسمية المولود، إن جاء الاسم جميلًا وله معنى حسن، فلا مانع من الأخذ به. أما إن كان الاسم غريبًا أو غير مناسب، فلا يُؤخذ به لمجرد أنه ورد في المنام.

 القاعدة: "كل ما وافق الشرع فهو مقبول، وما خالفه فهو مردود"

حتى لو لم تكن الرؤيا ملزمة، فإن الإسلام وضع ضوابط شرعية لاختيار الأسماء، منها:

  • أن يكون الاسم حسن المعنى.
  • أن لا يكون فيه تشبه بالكفار أو الطواغيت.
  • أن لا يحمل معاني مذمومة أو منكرة.
  • أن لا يتضمن تزكية للنفس (مثل: برّة، تقية، إلخ).

 لذلك إن كان الاسم الوارد في الرؤيا مستوفيًا لهذه الشروط، وأحبه الوالدان، فالأخذ به حسن. وإن لم يكن، فالأفضل اختيار غيره مما يتناسب مع الهوية الإسلامية.

جاء عن ابن سيرين – وهو من أعلام التفسير في الرؤى – أنه قال:
"
إذا رأى أحدكم رؤيا فليعرضها على كتاب الله وسنة نبيه، فإن وافقتهما فليحمد الله، وإن خالفتهما فلا يلتفت إليها."

 وهنا تتضح قاعدة ذهبية: الرؤيا لا تُعتبر مصدرًا للحكم، بل تُعرض على النصوص الشرعية، فإن وافقتها فلا مانع من الاستئناس بها، وإن خالفتها فهي مرفوضة.

علم النفس يُشير إلى أن الأحلام قد تُعبّر عن مشاعر داخلية أو توترات نفسية أو رغبات دفينة. فرؤية اسم معين في المنام قد لا يكون له تأويل شرعي، بل ربما يعكس أمنية داخلية أو تأثرًا سابقًا بموقف أو شخص معين.

 ولذلك، لا ينبغي اتخاذ قرارات مهمة بناءً على منام فقط، بل تُرجح الأمور بالعقل والمشورة والدراسة.

الرؤيا الصالحة بشارة من الله، ولكنها ليست تشريعًا، ولا يُبنى عليها حكم شرعي ملزم. لذا، لا يجب على الأب أو الأم أن يُسمّي المولود باسمٍ ورد في المنام، بل لهما أن يختارا الاسم المناسب ضمن الضوابط الإسلامية. وإن أحبّا الأخذ بالرؤيا كإشارة، دون إلزام أو اعتقاد بوجوب، فذلك حسن. المهم هو أن لا يُقدّم الإنسان الرؤيا على النصوص الشرعية والعقل الراجح.